بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي خلق فهدى ، ووعد فوفى نسبّحه
باسمه الأعلى، صلاته على نبيه الأوفى وعلى أله وصحبته وأمته أهل الوفا.
فمسألة ضعف الحديث مسألة جادت فيها آراء العلماء بأقوال كثيرة -من مطولة ومقصرة- فأي حكم استنبط
من دليل ضعيف يزول ذلك الحكم بمجرد تبيّن ضعف الدليل ولذا فإن العقيدة الإسلامية
لا تكون إلا بأدلة قطعية ، تحذّرا من التقوّل على الله والبدعة في الدين، وموقف العلماء
قديما وحديثا في الضعيف –اسنتباطا أو دليلا- لا يعدو عن النبذ والترك وعدم قبوله
في أي مجال من المجالات الدينية ، اللهم إلا أن بعض منهم يرى قبول الضعيف مقابل
الرأي واستعماله في استنباط الأحكام ، وبعض أخر ذهب إلى قبوله في الترغيب والترهيب
مادام لم يكن في الضعيف ما يعارض النص القطعي أو يخلّ بالأدب . لكن الأحسن عملا هو
التوقّف عن الضعيف حتى يصحّ سنده.
وفي الواقع الآن نعيش عالما يمجّ بأفعال
قوامها أدلة ضعيفة لا تمتّ إلى الصحيحة بأي وجه من الأوجه ونحن نعضّ عليها بكل
النواجذ من دون تفحيص هذه الأثقال التي نربطها على كاهلنا مدّعين أننا حملة السنة
الصحيحة وأننا عابدي الله على الصواب.
وهذا ّ لخطأ وقعنا فيه بالتوارث والتربية
والتعايش ، فكثير منّا تربّى على بعض
اعتقادات وأمور لم يكن لها سند صحيح يعوّل عليها في إثبات صحة هذه الأمور أو الاعتقادات
، وما كان علينا شيء-من العيب- في هذا الخطأ الموروث ابتداءً سوى أنه بدلا أن نقوم
نحن الجيل الجديد الصاعد بالبحث عن هذه الأمور وإبراز ما هو الصحيح ونفي الزيغ عن
الاعتقاد نتمادى في هذا الزيغ والاعوجاج ، الأمر الذى جعلنا نقدح -حينا- في شخصيات
مقدسة دينية بدون أي انتباه !.
ولقد تمكّن الضعيف أن يخرج عن دائرة
العلماء-وكان سابقا لايتجاور أوساطهم- إلى دائرة العامة فاستوطن معهم المدن
والبوادي وتغلغل إلى أعماق قلوبهم ، بل صار تضرب به الأمثال ويتوارثه الأجيال –عقبا
عقبا- حتى استطاعت العامة أن تحكى لك أمورا ضعيفة تملئ ما لا يقّل
من مائة ألف مجلّدا ، سمعوها من الخطباء والوعاظ والقصّاصين الإسلاميين الذين
يريدون ترويض النفوس وتخويفها أو تهديدها فجعلوا ضعاف الروايات وسيلة إلى جذب
الناّس وردهم إلى الله سبحانه تعالى وإلى ديننا الإسلام.